الإعلامي الرقمي: نمو متسارع للمحتوى التفاعلي في الشرق الأوسط

تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولاً كبيراً في ظلّ التطوّر المتسارع للإعلام الرقمي وما نتج عنه من استخدام للمنصات الرقمية وأدوات الاتصال الرقمي التي أحدثت تأثيراً ملحوظاً في أساليب التفاعل وتبادل المعلومات بين مختلف المؤسسات والأفراد. واكتسب المحتوى التفاعلي في هذا الإطار أهمية لافتة لما يلعبه من دوري محوريّ في رسم ملامح المشهد الإعلامي في المنطقة.

وبات المحتوى التفاعلي محركاً رئيسياً لتحقيق مستويات أعلى للمشاركة مقارنة بالأساليب التقليدية، حيث يضم أشكالاً متنوعة من أدوات التفاعل مثل استطلاعات الرأي والمسابقات والقصص التفاعلية. وأظهرت دراسة حديثة أن 80% من المسوقين في مجال التجارة بين الشركات (B2B) يتفقون على أن المحتوى التفاعلي يجذب انتباهاً أكبر من المحتوى الثابت، في حين أن أكثر من 90% من المسوقين في مجال التجارة بين الشركات والأفراد (B2C) يعتبرون المحتوى التفاعلي أكثر فعالية في توعية المشترين مقارنة بـ 75% بالنسبة للمحتوى الثابت.

ويأتي المحتوى التفاعلي ليشكّل عنصراً أساسياً يدعم الاستراتيجيات الحديثة لقطاع الإعلام والعلاقات العامة، حيث يمثّل أداة فعالة متعددة الاستخدامات توفر منهجاً شاملاً يزيد من تفاعل الجمهور ويحسّن من جودة البيانات، إلى جانب تعزيزه للتواجد على منصات الإعلام الاجتماعي وطريقة تواجد العلامة التجارية. ويتفرّد المحتوى التفاعلي بمرونة وإبداع يميّزانه عن المحتوى التقليدي، حيث يقدّم، من خلال الاستجابات والتفاعلات التي يحصدها، معلومات ورؤى معمّقة تمكّن الشركات من فهم تفضيلات الجمهور وآرائهم ودراسة سلوكهم بشكل أفضل. وتشير دراسة حديثة إلى أن المحتوى الذي يشجع على المشاركة ينتج تفاعلاً أكبر من المحتوى الثابت بنسبة 50%، وهو ما يظهر في المدة التي يستغرقها المتابعون للاطلاع على محتوى معيّن، حيث يقضون نحو 7 دقائق في مشاهدة المحتوى الثابت، بينما يستجيبون للمحتوى التفاعلي لمدة 12 دقيقة في المتوسط.

وعلاوة على ذلك، تتمتّع المزايا التفاعلية التي يقدّمها هذا المحتوى بطبيعة فريدة تحفّز مزيداً من المشاركة وتجعل عملية الاتصال أكثر تجاوباً. ويكتسب هذا التحول الكبير في مجالات الإعلام الرقمي أهمية خاصة في منطقة الشرق الأوسط نظراً للتنوع الثقافي الموجود فيها، حيث يمكن استخدام المنشورات التفاعلية لجذب انتباه الجمهور وتشجيعهم على المساهمة في المواد المنشورة، سواء كانت رسماً بيانياً أو استطلاعاً أو اختباراً أو تقييماً. ونتيجة لذلك، يشعر الجمهور المستهدف بأنه أكثر ارتباطاً بالعلامة التجارية. كما يسهّل المحتوى التفاعلي عمليات التواصل القائمة على تفهم حساسية ثقافية معينة، وذلك من خلال تصميم محتوى يراعي التفضيلات الثقافية وجوانبها المختلفة، مما يضمن وصول رسائل تنسجم مع عقلية جمهور المنطقة ذي الخلفيات المتنوعة.

ومن ناحية أخرى، يحتل سوق الشرق الأوسط موقع الصدارة العالمية في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تأتي دول الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر في المراتب الأولى تليها البحرين وقطر ولبنان وعمان، لتتجاوز المتوسط العالمي لنسبة السكان الذين يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي.

وتتميز المنطقة بشريحة كبيرة من الشباب التي تلعب دورًا ريادياً في قيادة اتجاهات الإعلام الرقمي وتطوير المحتوى التفاعلي، لما يوفره من تجربة ممتعة وتفاعلية تلبي احتياجات الأجيال الشابة واهتماماتهم. فبحسب تقرير صادر عن مجلة فوربس، تصنف منطقة الشرق الأوسط واحدةً من أكثر مناطق العالم غنىً بالشباب، بمتوسط أعمار يبلغ 22 عاماً. وتشكل هذه الفئة السكانية القوة الدافعة وراء الطلب على أحدث الابتكارات التكنولوجية والخدمات الرقمية، حيث يحظى المحتوى التفاعلي بشعبية كبيرة بين جمهور الشباب، الأمر الذي يشكل عاملاً أساسياً في نمو السوق الرقمية بفضل مهاراتهم المتميزة في استخدام التكنولوجيا.

كما تحظى المنصات الرقمية مثل إنستغرام وفيسبوك وإكس ويوتيوب برواج كبير في المنطقة، حيث تشير الإحصاءات إلى أن 70% من الشباب في دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية يفضلون مشاهدة محتوى الفيديو الرقمي أكثر من مشاهدة التلفاز، بينما يتصفح 75% من الشباب المصري موقع يوتيوب بشكل يومي. كما أن أغلب الشباب العربي الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً يستخدمون بشكل منتظم منصة تواصل اجتماعي واحدة على الأقل.

ويساهم المحتوى التفاعلي، إلى جانب تعزيزه للتفاعل الاجتماعي، في إعادة صياغة المناهج التعليمية ودمج التكنولوجيا في كافة جوانبها، من خلال الفعاليات الافتراضية والندوات والبرامج التعليمية التي توفر طرقاً مبتكرة لنشر المعلومات وخلق تجارب تعليمية جذابة.

بالإضافة إلى ذلك، يقدم المحتوى التفاعلي، بعناصره الإبداعية المبتكرة، فوائد عديدة وملموسة إقليمياً وعالمياً، إلا أنه يواجه بعض التحديات في إطار حملات العلاقات العامة، تشمل التحديات الثقافية والمستويات المتفاوتة للمعرفة الرقمية والمخاوف المتعلقة بالخصوصية، والتي تجعل من الصعب على المتخصصين في مجال العلاقات العامة إعداد حملات تحقق التوازن المناسب بين التفاعل المرجو وبين الحساسية الثقافية.

ومع ذلك، يوفر المحتوى التفاعلي لسوق الشرق الأوسط المتنوع والمتطوّر العديد من الفرص والإمكانيات، حيث يمكن للمتخصصين في مجال الإعلام الرقمي تصميم محتوى يجذب الجمهور ويعزز كفاءة وظهور العلامة التجارية، فضلاً عن تعزيز الترابط والاتصال مع المستهلكين.

من ناحية أخرى، يعزز استخدام المحتوى التفاعلي قدرة المؤسسات على قياس الكفاءة، حيث أظهرت دراسة أجراها موقع "روك" أن 60% من المؤسسات التي أدخلت المحتوى التفاعلي في استراتيجياتها سجّلت تحسناً واضحاً في قدرتها على قياس الكفاءة، مقارنة بالمؤسسات التي استخدمت المحتوى الثابت والتي سجّلت تقدّماً بنسبة 25% فقط. وتؤكّد هذه الإحصاءات على الدور الجوهري للمحتوى التفاعلي في تحسين الأداء المؤسسي، وتفوقه الواضح على المحتوى الثابت.

وتتجه منطقة الشرق الأوسط نحو تحول كبير في أساليب الإعلام الرقمي، مدعوماً باعتمادها على المحتوى التفاعلي، حيث يساهم التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي والأساليب التعليمية المبتكرة وغيرها من العوامل، في إعادة تشكيل الوسائل والقنوات التي يتم عبرها نشر المعلومات واستقبالها. ومع توجّه المنطقة نحو عصر رقمي أكثر تطوراً، سيلعب المحتوى التفاعلي دوراً محورياً في رسم مستقبل الإعلام الرقمي.

للمزيد من المعلومات، يرجى التواصل معنا عبر:
الهاتف: +971 4 4562888
البريد الإلكتروني: business@orientplanet.com